الكلام عن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله لا يمكن أن ينتهي فالشيخ زايد يمثل الكلمة الطيبة التي هي كالشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تُؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، لهذا فإننا في اليمن نستشعر وجوده معنا منذ أن عرفناه قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن فهو معنا بقلبه وبروحه وسخائه وبمحبته التي تغمرنا في كل الأحوال.
فالشيخ زايد لم يكن رئيس دولة عربية فقط، بل هو إنسان تجلت فيه عظمة الإنسان الذي نفخ الله فيه من روحه، فعَلّمه الحُنو على النبات، والرفق بالحيوان والعطف على الطائر في السماء، وبالتالي الحُنو والرفق والعطف على الإنسان، وعلى الأرض التي يمشي عليها. فحولها من أرض رملية إلى ساحات خضراء، تغطيها المروج والأزهار، ويرتفع في سمائها النخيل والأشجار المثمرة بالفواكه الطيبة، وبالزهور العطرة، وتخر المياه المحلاة الرقراقةُ في شبكة مواسير زراعية لتروي ما لا يقل عن مليون وربع المليون متر من الحدائق في مدينة أبوظبي وحدها وليصل نصيب الفرد من سكان المدينة إلى ما يزيد على ثمانية أمتار مربعة من الزهور والفاكهة والخضرة، وهو مالم يحدث في أية مدينة عربية وإن كانت على ضفاف الأنهار، كما جعل من الجزر الإماراتية جنة فيحاء ومحميات طبيعية يمرح ويسرح على ظهرها الطير والحيوانات والنعام.
إن إنساناً كهذا يحب الأرض ويقدس الحياة الطبيعية والجَمال ماهو إلا إنسان يسمو على كل الصغائر، ليجعل حياته كلها مسخرة لخدمة البيئة لتكون صالحة يتمتع بها الإنسان والنبات والحيوان.
لقد كان رحمه الله مُحباً للإنسان سواءً كان مواطناً أو مقيما ويسعى إلى إسعاده بقدر الإمكان، ومن يزر دولة الإمارات يجدها دولة متسامحة يعيش على ظهرها وفوق ترابها مئات الألوف من بني الإنسان من مختلف الأجناس والأعراق والأديان واللغات، تعمهم الفرحة والغبطة والسلامة، ينعمون بالأمن والاستقرار، يعيشون في ظل سيادةِ القانون وحمايته، ويتمتعون بالروح المتسامحِة للقائد المرحوم الشيخ زايد رحمه الله، الذي جسدَ هو ورفاقه أصحاب السمو حكام إمارات الدولة السبع تلك الروح الطيبة التي ارتفعوا بها جميعاً إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عواتقهم في بناءِ الدولة الاتحادية، لتكون دولةً مثاليةً في تحقيق الأمن والاستقرار والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو ما حقق لدولة الإمارات المكانة العليا بين الدول الإقليمية والعربية والدولية، وجعلها محط أنظار الشركات الصناعية والتجارية العالمية التي تسعى جاهدة للاستثمار في تلك الدولة الاتحادية، لأنها مطمئنة إلى مكاسبها وحقوقها وممتلكاتها التي يحميها النظام والقانون.
وإذا كانت دولة الإمارات العربية المتحدة قد فَقدت الشيخ زايد فإننا في اليمن أكثر وجداً عليه، ذلكم أنه الرجلُ الذي لم يأل جهداً في بذل كل ما يمكن بذله لصالح التنمية الاجتماعية والزراعية والثقافية في اليمن بشكل مباشر أو غير مباشر منذ بداية عصره وحتى اليوم.
ولن نستطيع حصر المشاريع التنموية التي ساهمت دولة الإمارات والشيخ زايد بتقديمها لليمن لكنه يمكننا ذكر الأهم منها والذي يتمثل فيما يلي:
إعادة بناء سد مأرب التاريخي وبناء قنوات الري، وذلك في الثمانينات من القرن الماضي رغم الصعوبات التي صاحبت تنفيذ ذلك المشروع في تلك الفترة الزمنية.
تنفيذ شق وردم وسفلتة طريق صنعاء مأرب بطول حوالي170 كيلومترا مما سهل التواصل بين العاصمة صنعاء والمدينة السبئية التاريخية مأرب.
دعم مشاريع التنمية الزراعية الريفية المتكاملة.
تأسيس وبناء محطة التلفزيون بالعاصمة صنعاء، الذي تم افتتاح إرساله في 24 سبتمبر/ ايلول 1975 وتمويل شراء مرسلتين إذاعيتين.
بناء مبنى وزارة العدل، وجامع مسيك وبناء بعض المنشآت والمدارس والجوامع والمتنزهات وأهمها متنزه جبل صبر المطل على مدينة تعز السياحية.
بناء حي سكني في مدينة عدن.
تقديم الدعم لبعض قطاعات الدولة وخاصة قطاع التعليم العام، ودعم المشاريع الصغيرة للجمعيات الأهلية والخيرية وغيرها الكثير من العون والمساعدة.
وإذا كان المرحوم الشيخ زايد قد ودعنا إلى جنة الخلد مقيما أبدا، فإنه لا شك أن الخلف الصالح من أبنائه سيمضون على درب والدهم المؤسس والقائد الملهم في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة متكاتفين هم وإخوانهم أصحاب السمو حكام إمارات الدولة، ولن يألوا جميعا جهداً في تقديم العون والدعم للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية للدول العربية المحتاجة للدعم لصالح بناء الإنسان فيها ورفع مستواه الخلقي والتعليمي والمهني، ليكون عضوا صالحا في أمة متلهفة إلى لم شملها وإلى تحقيق التكامل والتعاون بين أنظمتها وكسر حاجز العزلة والخوف لتسود علاقة الأخوة والمحبة بين أبنائها، ولتعلو راية السلام بين دولها ويعم الرخاء والاستقرار كل أرجائها.
م.ن
الأحد يوليو 06, 2008 7:44 pm
